Picture
صورة مأخوذة من أحد المواقع

كتب محمد عيسى: رأيتُ يوماً في عالم الرؤيا وكأني بأرض غبراء جرداء، لا ظل فيها ولا ماء وكان الخلق فيها متحلقين حول رجل أغبر الشعر حافي القدمين مكفهر الوجه، وكانت عيناه تدور يميناً وشمالاً بالحاضرين، حملق في أحدهم وصاح: أي خلق أنتم، ما الذي دهاكم حتى تجمهرتم حولي كل هذه الجمهرة؟ قال أحدهم وكان يبدو أكبرهم رأساً وأكبرهم عمراً: نريد أن نساعدك فقد وجدناك وحدك هنا في هذه الأرض القاحلة! قال:  وأي مساعدة تلك التي تبغونها لي؟ ردّ آخر وكان شاباً أشقراً: نريد أن نرفعك إلينا.ـ
و أي رفعة تلك؟ -
نريد أن نفهمك، أن نعلمك كيف تصير مثلنا!ـ -
 لا أراكم مختلفين عني مقدار أنملة فوجهي وجهكم وجسمي جسمكم-
آه كم أنت ضعيف النظر! ألا ترى لبسنا وأناقتنا ألا ترى السيجار في أفواهناألا ترى تحضرنا؟ أنظر مثلاً إلى ذلك الشاب الممسك بيد تلك الفتاة الجميلة! أنظر إلى ذلك الرجل الوسيم هناك كيف يبدو رائعاً بثيابه الوردية الأنيقة وحذائه الجلدي الفاخر ثم انظر إلى ثيابك البالية ورجلك الحافية وحالتك المبكية المزرية، فعلاً كم أنت متخلف ورجعي!!؟
أدار الرجل عينيه بنظرات ماقتة اتجاه القوم وتأملهم فرداً فرداً وما إن انتهى حتى تفل في جنبه وقال: ايه أيها القوم دعوتموني لكي أكون مثلكم وما علمتم أنكم ما كنتم لو لم أكن! وإلى أي شيء تدعوني وأنا فيه أحق به منكم ،لعلكم ما علمتم أن ثيابي بليت حين كنت أحيك تلك الثياب الوردية لذلك الشاب الوسيم وأن أحذيتي  اهترأت حين كنت أصنع أحذيتكم وأن تلك السجائر النابتة في أفواهكم ما كانت لو لم تنبت شتلة التبغ في أرضي الخصبة أما تلك الفتاة فهي إبنتي بل كانت إبنتي لكن بعدما ملئتم رأسها من قيح رأسكم باتت مثلكم، قولوا لي الآن من منا أحق بالدعوة بل أي منا أعز بالحجة؟ بالله عليكم ما الذي جاء بكم إني وأنا كنت في ترحال عنكم وفرار منكم...إنتهى الحلم هنا حين استيقظت على صوت رجل يصرخ بعظيم عزمه من على المذياع:"متى نصبح متحضرين مثلهم"ـ




Leave a Reply.